دخول “الأزرق” الطوارئ قلّص حظوظ الجراح لصالح رحال
اسامة القادري
بعد مرور شهرين على الإنتخابات النيابية الأخيرة، دخل تيار المستقبل في البقاع غرفة العناية الفائقة، فلا الجراحون عارفون المرض ولا غرفة العناية مجهزة بما يمنع من تمدده وتفاقمه، هكذا هو حال التيار “الأزرق” الذي أُعتبر أكبر قوة تجييرية إنتخابياً في البقاع، فكانت الإنتخابات الأخيرة له بمثابة القشة التي قصمت ظهره بعد النتائج التي حصل عليها موازاة بالأفرقاء السياسية الآخرى، التي فازت بنائبين على حسابه، وأسفرت قراراً من الرئيس الحريري بحل للمنسقيات وتشكيل لجان بديلة إلى حين الإنتخابات الداخلية المقبلة، من شأنها تشريح حال التيار والأسباب التي أدت إلى ترهله، دون تحميل القيادة المركزية المسؤولية التي يتحمل جميع ما آل إليه التيار على وجه الخصوص أمينه العام أحمد الحريري والفريق الضيق الذي كلف بملف الإنتخابات، بدءاً من التحالفات وصولاً الى تشكيل اللجان الإنتخابية، دون العودة الى ترميم وضع التيار في المناطق، وبحسب قياديين سابقين في البقاع أن الأزمة لم تكن في نتائج الإنتخابات بل زاد إستفحالها منذ تم تعيين منسقين والألية المعتمدة في التعاطي مع الجمهور، وكيفية ادارة الملفات المعنية في منطقة البقاع على وجه الخصوص مما غيّب الدور التنظيمي للمنسقيات، وتحوّل عمل المستقبليين الى فرملة مبادرات بعضهم بعضاً، يضيف القيادي ” هذا يتحمل مسؤوليته كاملة الأمين العام أحمد الحريري، الذي لم يبادر في كافة زياراته الى رأب الصدع بل استمر في إعتماد المنهجية، حتى تحوّل المنسق إلى مخبر مهمته فقط نقل حديث أو موقف فلان الى الأمين العام لا الى مبادر سعياً لتطوير العمل التنظيمي ومأسسته.
وبالتالي ارسى قرار حل منسقيتي البقاعين الأوسط والغربي، إلى حال أشبه بالغياب حيث أقفلت أبواب المنسقيتين وغاب عنهما حال الضجيج التي كانت تتسم بها عند أي اجتماع، وزيارات المستقبليين لها، قلة من المحازبين لا يحمّلون أحمد الحريري المسؤولية، ﻻنه كان مطلعاً على كل ما أصاب التيار كبيرة وصغيرة، بحسب أحد المستقبليين قال ” كنا نرسل إليه التقارير ونقلناها مكتوبة وشفهية، فوجئنا أنه نفى علمه بها أو أننا أبلغناه فيها”، يتابع القيادي بتأفف “للأسف أن الشيخ أحمد الحريري إخترع ضحايا ليحملها المسؤولية بدلاً من أن يتحملها هو هذا بحال كان حريصاً على التيار كما يدعي”، يضيف المصدر المستقبلي “لدينا كافة التقارير والمحادثات عبر الواتس آب مع الأمين العام عن ما يعانيه التيار والتدخلات والإنقسامات في المنسقيتين الغربي والأوسط”، ولفت أن الرئيس الحريري عندما طلب إيجاد حل لمشكلة التيار في البقاع وايجاد الصيغة المناسبة لهيكلية التيار لإعادة تواصله مع الناس، “فكان رد الأمين العام سدل الستار حتى لا تكشف أخطائه، لذلك طلب تشكيل لجان واتصل بأشخاص محسوبين عليه لوضع تقارير تدين المنسقين وبعض الأعضاء كأن المشكلة تنظيمية وليست في الهيكلية من رأس الهرم حتى القاعدة”، هذا في البقاع الأوسط أما في البقاع الغربي الوضع ليس أفضل حالاً، فاللجنة التي كلفت بتقييم وضع التيار وأسباب الفشل، عينت بالتوافق بين الأمين العام والوزير جمال الجراح، والذي بحسابات مستقبليي الغربي أن الجراح هو المسؤول الأول في انقسام التيار والنتيجة التي حصدها، يقول مصدر مستقبلي في البقاع الغربي “يخطئ من يعوّل على هذه اللجان أنها ستقدم جديد، أتوا بها للتغطية على فشل القيادة المركزية، يوضح ان دور اللجنة في الغربي فلكلوري ليس أكثر، طالما أن مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون البقاع الغربي وراشيا علي الحاج عيّن عضواً في اللجنة مما جعله براءً من أي مسؤولية يفترض أنه يتحملها من موقعه، خاصة تراجع وضع بلدته كامد اللوز التي عرفت بقريطم البقاع، وفشله في ترميم وضعها الحزبي والجماهيري، هذا ما يدخل التيار في العناية الفائقة ما لم تضع القيادة نفسها في تصرف مؤتمر عام يشرّح الأشياء بأسمائها، لا أن تغطى بورقة توت تذهب بالتيار مع أي هبة ريح جديدة”.
يستطرد القيادي أن المسؤولية في نتائج البقاع الغربي لا تتحملها المنسقية التي قالت في تقاريرها عن فشل التيار وتوسع الحالة الشعبية للنائب عبد الرحيم مراد بحال لم يتم تعديل في خطة العمل، والتي تم ضرب تقرير المنسقية، بتقييم للوزير الجراح وأحد أعضاء المكتب السياسي المقرب من الجراح حيث صورا أن المستقبل في أفضل حالاته، وكانت النتائج مقاربة لما شرحته المنسقية، عندها تملص الجراح من المسؤولية بقوله أمام زائريه ” أن الحريري لم يكلفه في الانتخابات، كأنه يحتاج الى تكليف وهو في موقع وزير ويعتبر نفسه مرجعية ورأس حربة لمواجهة النائب مراد”، شدد القيادي أنه وعدد من كوادر الأزرق في الغربي يهددون بحال تم توزير الجراح سيعمدون الى فك ارتباطهم بالتيار بشكل نهائي، تحت عنوان ” من جرب مجرب عقله مخرب”، شارحاً أنه على الرئيس الحريري وضع حد لكل المتلاعبين في التيار، واقفال الدكاكين التي فتحت، حتى أصبح فيه كلٍ يغني على ليلاه.
وفي المقابل أشار مصدر مستقبلي بارز في بيت الوسط، أن الرئيس الحريري حريص على معرفة كل شاردة وواردة، وأنه لن يضحي بشعبيته لصالح أشخاص فئويين، قال المصدر ” الرئيس يصرّ أن يمثل البقاع الغربي بوزير “، يتابع أن الرئيس يحمّل الجراح وقياديين مسؤولية الوضع ونتائجه في الغربي، “هذا ما أدى الى تراجع ملحوظ لأسهم الجراح في موضوع توزيره”، في مقابل ارتفاع أسهم الوزير السابق محمد رحال بعدما وضحت الصورة أنه كان الأكثر حركة في فترة الإنتخابات وما قبلها وبعدها وتموضعه الشعبي البارز خدمة للتيار. وبحسب المصدر نفسه أن الرئيس لا مانع لديه من توزير رحال ما يعطي انطباعاً أن الرئيس الحريري لم يعد يقبل بكلام “يقول لا توجد شخصيات مؤهلة لتمثل التيار في الحكومة من ابناء البقاع بل هناك شخصيات وقادرة على حمل العبئ”، وختم المصدر ان قرار الرئيس لم يعد شكلاً بل سيتم فتح جميع الأبواب لخدمة الأهالي عبر الوزير والنواب والمنسقين وغير ذلك تستمر الدكاكين على حد استنتاج المصدر المستقبلي.