على الرغم وبغضّ النظر عن انعدام “و شبه انعدام” امكانية الإصطلاح بمفردة ثورةٍ على أيّ ثورة دون اطلاق رصاصة او قذيفة واحدة لا من المهاجمين ولا من المدافعين الذين لم يدافعوا , بل جرى إخلاء او تخلية مواقعهم وتحصيناتهم الدفاعية , من قبل أن يصلوهم المهاجمين او ” الثوار – الذين جرى تثويرهم .! ” …..
بعيداً وتجاوزاً آنيّاً لكلّ ذلك او معظمه , فإنّ التساؤلات اللائي تكون متصارعة ومتشابكة مع بعضها ” من شدة درجة حرارتها المتدفّقة ” في عموم الرأي العام العام العربي ( الذي يجري التشويش الذهني عليه عبرَ كبريات وسائل الإعلام الأمريكية والغربية مع الآلة الإعلامية العربية المُسيّرة او المبرمجة والتي كأنها مصطبغة بالأحجية والألغاز التي لايمكن فكّ رموزها بالسرعة الفائقة او الفوريّة , حول التزامن والتضامن الجمعي والكُلّي لكافة قادة الفِرق العسكرية السورية وقادة ” أمراء ” الألوية والأفواج وكتائب الدبابات والمدفعية وسواهم من الصنوف الحربية المتنوعة الأخرى , وبالتوقيت المحدد والمختار بدقّةٍ متناهية وكأنّه بتوقيت غرينيتش .! وبهذا التناغم والتلاؤم الذي بدا وظَهرَ كأنه متّفقٌ عليه مسبقاً .! ليس في عدم الرّد او اطلاق الرصاص “دفاعياً” على قوى تشكيلات الفصائل المسلحة القادمة والزاحفة “من دونِ دروعٍ ولا دبابات ولا كتائب مدفعية” , وانّما على الأنسحاب الجمعي “الهروب الجماعي والكُلّي” لهذه القوات الثقيلة الوزن دفعةً ومرّةً واحدة , وفقَ ما يُصطلح عليه في العلوم العسكرية “بالإنسحاب المنظم” ولكن بما يوجب ومفترض ان يغدو وفق اوامرٍ عسكرية ٍ دقيقة من قيادةٍ عسكريةٍ مركزية لا يقلّ مستواها عن هيأة او قيادة الأركان في وزارة الدفاع “وربما بتأييدٍ ضمني من دائرة الإستخبارات لعسكرية”, لكنّ التراجيديا الساخرة في هذا الأمر المُرّ تظلّ حيرى “او نحو ذلك” في تفكيك وتقشير طلامسها الظاهرة عبر النظرة الأولى والسطحية لما لم يحدث مثل ذلك في التأريخ المعاصر للدول العربية قاطبةً .
اقرب نقطةٍ نحو الوصول الى ذلك والى حافّاته الأمامية , هو ما سبق “فيما مضى” أن إمتلأت وزخرت به بعض وسائل الإعلام والسوشيال ميديا , حول نشر تفاصيل ما كانت تدفع دولة قطر لمبلغ مئة الف دولار، والأخبار متضاربة اذا ما المبلغ اكثر او اقل لكلّ ضابط سوريٍّ ينشق عن النظام ويلتحق بقوى المعارضة التي كانت في بداية تشكيلها او نسجها منذ عام 2011 – موعد انطلاق الثورة .! , وبمبلغٍ ادنى من ذلك لضباط الصف والجنود في الجيش السوري النظامي، والذي يعاني من وضعٍ اقتصاديٍ متدنٍّ للغاية، حتى بلغ الأمر أن نشرت بعض المصادر الأخبارية بأنّ ما صرفته حكومة قطر في سنوات إمداد المعارضة السورية قد بلغ مئتي مليار دولار , بالرغم من تقاريرٍ معلوماتية واخبارية نشرت مؤخراً بأن مجمل ما ضخته الإمارة يبلغ اضعاف ذلك ( انّما لا دقّة موثّقة في هذه الأرقام رغم انها غير مستبعدة ) وتجدر الإشارة أنّ تلك الأموال الباذخة كانت بمشاركةٍ اخرى من السعودية وبعض دول الخليج العربية الأخرى , كما لا ارقام متوفّرة عمّا قدّموها الأتراك والأمريكان والفرنسيين وسواهم من الأسلحة والمسيّرات والتمويل اللوجستي بكلّ متطلباته .. انّما ما قد يوازي ذلك وربما بما يفوقه ويتفوّق عليه , هو القُدُرات الذكية او الماهرة في اجتذاب العدد الكبير ممّا يسمى بالعناصر الجهادية او الأسلاموية من مختلف الأجناس والناس في ضخّها للهيمنة على قيادات قوى المعارضة حتى انكشفَ او تكشّف يوم امس الأحد أنّ المئات من “الجهاديين” الأردنيين المتطرفين قد سبق لهم الإنضمام لىصفوف المعارضين السوريين ومشاركتهم بما يسمى “الثورة” الحالية التي اسقطت نظام الأسد انّما اقتصر دَورهم في مجالات القضاء والشرع الأسلامي والإرشاد وما الى ذلك من خزعبلاتٍ، “سياسيةٍ – دينية” , لكنما وبعلمٍ مسبق من السلطات الأردنية .! , هذا وقد تظهر جنسياتٌ “جهاديةٌ اخرى” في الأيام او الشهور المقبلة وعدا من الأعراق غير العربية ايضاً والتي لا تقتصر على “قسد” اوالأكراد السوريين بمختلف الإنتماءات السياسية المتباينة والمتقاطعة ايضاً .!
إذ يمكن وقد يحتمل الأمر الإستيعاب النسبي والنفسي لبعض مجريات ما مجرى ذكره في الأسطر اعلاه , لكنّ الأكثر والأشد تعقيداً هو في اعتبارٍ معتبرٍ ما في تصوّر وتصوير هذه المعلومات المحدودة بأنها أدّت وقادت الى الإنهيار الكامل والمباغت لهيكلية الدولة السورية ! وبشكلٍ خاص من اعلى واعتى وارفع القيادات العسكرية والسياسية العليا وفي الدقائق “وربما اللحظات” غير المحسوبة والمتوقعة, وهذا يجابه ويتجابه مع علامات النفي اللغوية على الأقل .! وبصيغٍ تصادمية ومتقاطعة , وهذا ما دفع بالرئيس السابق بشّار الى الإضطرار الى المغادرة والرحيل وفق استقراءاتٍ دقيقة ومركّزة لا بديل لها .! , فالمسألة اكبر واضخم واعقد من كلّ ذلك .! وقد يغدو للمخابرات الروسية دَورٌ مُميّز في ذلك في استقراءٍ مبكّرٍ في هذه الحصيلة ومضاعفاتها , حيثُ قامت المخابرات الروسية ومعها القوات الخاصة في نقل الرئيس بشار من القصر الجمهوري الى مطار دمشق , وثُمّ نقله بواسطة طائرة نقل ” Transport ” الى القاعدة الجوية الروسية في اللاذقية , وثمّ التحول للإنتقال جواً الى موسكو مباشرةً , بعد تعطيل الرادارات التي قد تعترض حركة الطيران في الأجواء السورية .! , وقد امسى واضحى ذلك مكشوفاً ومسرّياً عمدا من الروس الى وسائل اٌعلام بعد وصول ” الأسد ” وعائلته الى العاصمة الروسية .! , لكنّما المسألة تتطلب الى ازاحة ” اللحاف ” الأمني والسياسي عن تفاصيلٍ درامية وتراجيدية بالغة السريّة في هذا التحوّل الإنتقالي المفاجئ في المعادلة السورية غير المتعادلة وغير القابلة للتعادل الإفتراضي ايضاً , وكذلك فإنّ سيطرة وهيمنة قوات “الجولاني” وتسميته الجديدة وتغيير لباسه العسكري الى المدني , فإنها غير مُطمئنة للإستقرار على عتبة الأستقرار القومي والوطني للشعب السوري , ولا حتى للجانب السيكولوجي العربي ايضاً , وعلى الأقلّ .!