بين العزلة والوحدة…ووطن الأرواح المتعبة!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
نقولا أبو فيصل / مناشير
مما لا شك فيه أن للعزلة والوحدة تأثيرٍ كبير على الصحة النفسية والجسدية للانسان . والعزلة هي شعور بالرغبة في الانفصال عن المجتمع والانعزال عن الآخرين وتجنب العلاقات الاجتماعية. ويمكن أن تكون العزلة اختيارية أو ناتجة عن ظروف خارجة عن إرادة الشخص ! والفرق بين العزلة والوحدة يكمن في أن العزلة تعتبر حالة انعزالية تُفرض على الشخص من خلال الظروف أو من خلال خياراته الخاطئة ، أما الوحدة فهي شعور داخلي بالرغبة للجوء اليها بغض النظر عن الظروف الخارجية. وقد تكون العزلة سلبية وتؤثر على صحة الانسان ، بينما الوحدة يمكن أن تكون إيجابية وتمثل فترة للتفكير.
يقول فريدريك نيتشه “كلّما ارتقَى عقلُ الإنسان كلما قلََّت رغبتُه في الضجّة” والعزلة تشفي النفس وتشدد عزائمها والذين اتخذوا القرار بها هم أشخاص قاسوا في مجتمعاتهم وتعرضوا لسوء الفهم والتقدير وراحوا يتأملون العالم عن بعد مكتفين بحفظ تجاربهم . والهِدوء ليس عُزلة والعُزلة ليست كآبة والوحدة مع النفس ليست إنطوائية . نعم العزلة عن المجتمع الملوث هي دليل نضج وليس إنطوائية ،لذا وجد ديستويفسكي أن “العزلة زاوية صغيرة يقف فيها المرء أمام عقله”ولا شيء أكيد مثل الصمت والسكون والعزلة لتعريف الانسان بأسرار نفسه!ويمكن القول إن لبنان بات يعاني من تحديات كبيرة وأزمات متعددة في الآونة الأخيرة، مما جعل بعض الأشخاص يشعرون بالإرهاق والتعب. ولكن لكل بلد تحدياته وصعوباته ،
لذا أرى من المهم العمل على حل هذه التحديات بشكل مستدام لتحسين الوضع في لبنان بدل البكاء والنحيب لأن وطننا بات يعتبر بيئة صعبة للعيش بالنسبة لكثيرين من ابنائه بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها ، ويمكنك إضافة مشكلة اللاجئين السوريين والفلسطينيين . كل هذه الأوضاع يمكن أن تؤثر على النفسية وروح المقاومة عند الشعب اللبناني وتجعله يفكر في الهجرة نتيجة الإرهاق والتعب النفسي ، ولكن في نفس الوقت لا يمكن إهمال الروح القوية التي يظهرها اللبنانيون في مواجهة التحديات، مما يجعلهم ينظرون إلى لبنان بأمل وتفاؤل رغم كل الصعوبات. وهذا النوع من الصمود والتفاؤل يعكس جوهر الروح اللبنانية، وهو ما يجعل لبنان مكانًا يستحق الاحترام والتقدير والتضحية من أجله على الرغم من التحديات التي يواجهها.
