خبر عاجلسياسةمقالات

وقع النظام الإيراني في الحفرة.. – حسين قاسم

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

وقع النظام الإيراني في الحفرة..

حسين قاسم

بعملية “الوعد الصادق” الإيرانية التي جرت ليلة 13- 14 أبريل 2024، حيث خرج النظام الإيراني من دهائه التاريخي وسقط في الحفرة التي نصبتها له الولايات المتحدة الأمريكية ونجحت فيها. كيف ذلك؟
بادئ ذي بدء، تذكرنا الأمثلة التاريخية عن سلوك انظمة شمولية شبيهة بالنظام الايراني، والمعروف كيف شجعت الولايات المتحدة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين على غزو الكويت في عام 1990، مما أدى إلى تدمير العراق وإقصائه من المعادلة الإقليمية. كما سمحت للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بإدخال جيشه إلى لبنان في عام 1976، ما أدى إلى تورط سوريا في الصراعات اللبنانية المعقدة.
أخيرًا، تم استدراج الرئيس الروسي بوتين إلى الوقوع في حفرة أوكرانيا، حيث قدمت له عدة فرص لتعزيز غروره قبل أن يقع في الفخ. تجاهل الغرب وأمريكا القمع الذي مارسه بوتين ضد الانتفاضة السلمية في كازاخستان قبل شهور قليلة من الحرب الروسية الأوكرانية، مما شجعه على غزو أوكرانيا.
على مدار أربعة قرون، استثمرت إيران في المنطقة حتى تمكنت من السيطرة على القرار السيادي في أربع دول هي اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان.
إضافة إلى ملاقاتها إسرائيل لمنتصف الطريق، كما يقال بالإنكليزية “Complementary Enemies “تكامل الاعداء”، بتقسيمها للقرار الوطني الفلسطيني لإفشال قيام الدولة الفلسطينية، لانتزاع دور وازن بالورقة الفلسطينية ونجحت بنزع الصفة العربية عنها نحو أسلمتها بهدف السيطرة عليها بجعلها شماعة لانتزاع دور وحصة في الشرق الأوسط الجديد. في أثناء المراحل كلها لم تبادر ايران لشن أي حرب، بل حاربت عبر أتباعها، إلى أن لفت نظر المتابعين أن الرئيس الأميركي وفي أول تصريح له بعد عملية السابع من أكتوبر أنه يستبعد أي دور لإيران فيما جرى في غلاف غزة، مما يعني محاولته تحييد إيران وإفشال شعار وحدة الساحات، كي تتمكن إسرائيل المنكوبة في هجومها على غزة، ونجح. لكن ذلك لم يلقِ لها بالاً في اسرائيل، وبطبيعة الحال أن تستكمل أميركا استدراجها للنظام الإيراني تباعاً، سواء علناً أم بالمفاوضات عبر وسطاء حتى توِّج بالهجمات الصاروخية الأخيرة. غير معروف حتى اللحظة تفاصيل الاستدراج المخالف لسلوك إيران التاريخي المعروف، سوى ما رشح عن تفاهم أميركي إيراني على أن يكون الرد على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ناعماً دون خسائر، وقد نجح المسعى الأميركي أيضاً، بحيث كان الهجوم الجوي الإيراني مبلغاً عنه مسبقاً، ولم ينجم عنه أية خسائر للعدو الإسرائيلي، وقد نال استهزاءً واسعاً بالشارعين الفلسطيني والعربي.
ما هي النتائج؟ تحققت مكاسب إيرانية مهمة تتمثل في تغيير قواعد اللعبة بين إسرائيل وإيران، حيث دخلت الأخيرة مباشرةً إلى قلب الصراع، مما يجعلها طرفًا معنياً بأية مفاوضات مقبلة، من وقف إطلاق النار إلى مستقبل القضية الفلسطينية. وهذا يسري بدون مواربة على الجبهة الجنوبية اللبنانية، مما يؤهلها لانتزاع مقعد بارز على طاولة المفاوضات المقبلة لرسم خرائط المنطقة بأسرها.
وإذا كان قرار الهجوم بحد ذاته قرارًا مهمًا، وبصرف النظر عن نتائجه، فإنه يخدم المصلحة العليا للنظام الإيراني البحتة، خاصة وأنه لم يُحرك ساكنًا من أجل غزة والأقصى وسوريا ولبنان طيلة الحرب الدائرة حاليًا في القطاع، بل تحرك من أجل قضيته الخاصة، ولن يقدم أية خدمة للقضية الفلسطينية، بل يصادرها لمآربه، وكل ذلك على حساب الأمة العربية بتهميشها ونزع هويتها لتحقيق طموحه التاريخي.
هذا الوضع سيقابل برفض دولي شامل مما يساعد باحتضان دولي جديد لإسرائيل لتستثمره بدورها في استكمال حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وبهذه الحالة تصبح غزة وشعبها أول ضحاياه.
وعلى الرغم من هذا المشهد المتوتر، فإن الوضع لن يستقر على هذه الصورة بسبب رفض إسرائيلي مدعوم برفض غربي وأمريكي، إضافة إلى عجز أطراف النزاع عن خفض منسوب التصعيد التدريجي للحرب، مما يزيد الوضع تعقيدًا، خصوصًا أن إسرائيل سترد على الهجوم الإيراني، رغم الموقف الأمريكي، لتدخل المنطقة برمتها في ردود متبادلة، مما يرجح اندفاع التوتر الراهن إلى حرب كبرى في المنطقة قد تصل إلى ضرب المفاعل النووي الإيراني.
وبالتالي وقع النظام الإيراني في الحفرة، لكن رغم دهائه لن يستطيع الخروج منها سالمًا غانمًا.
كما قيل سابقًا، من السهل القيام بحرب، لكن لا أحد يعرف اندفاعاتها ومجرياتها وكيف ستنتهي.

 

إعــــــلان Simplify card | Digital Business Cards

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى