“بيروت .. ستعود بيروت” ..! – نهلة البقاعي
كتبت : نهلة البقاعي
لو صاحَ البحرُ
على هذي الصخرةِ العصيّة
لأدركنا أن البحرَ يموت
ولو اغتسلنا بالدماء الزكيّة
لرفضنا ذهبَ السكوت ..
بيروت .. آهٍ يا بيروت
أذكرك تتوهجين كالياقوت
تغتسلين بندى وردة
وتتعطرين بتراث البيوت
تتعمّدين خلف صدى الأصداف
وتتوضأين بماء نهرك
يتودد إليكِ يجلس قربكِ
يعلم ضفتيه آداب الانحناء
والصفصاف مبتور الظل
يصلّي خلف ظلكِ
يروض الرياح والعواصف
لتذوب بموسيقى الصلصال في يديك
لعل ترتيلة من ماء نبضك
تفلسف الليل المتمرد
كما تشاء ..
بيروت .. آه يا بيروت
من حرّك الجمرَ بين الضلوع
لتستفيق في الأنفاس
ذاكرة زلزال بالغ الرجفة
فارتداد الموج العالي
أقلق مزاج الشواطئ
والشمس التي أورثتك
سحر البراكين
أشعلت بقايا حقد دفين
فأثقلت كاهلَ الفراشات
من لعنة الحريق
ما لكِ لا ترفضين
وجع السنين
وقد كنت السورة الأولى
من مصحف الشرق
يشيخ القلب بنزفه
حين تضمد جروحه أصابعك ..
بيروت .. يا بيروت
أنت الآن الجريحة
ونزفك يواصل تدفقه الأليم
ثوري .. انتفضي .. لا تصمتي
كي لا تغتالك الذئاب مرتين
بدّلي حبال صوتك
لا تنشري عليها ذاكرة البكاء
كي لا يصيب الصدأ اطراف السؤال
رددي تراتيل القيامة من جديد
يا بيروت
كل حزن وانت الناي
وكل ضحكة أنت الرنين
ستعودين .. ستعودين
ولو بعد حين ..
