لبنان بات مهدداً في عز الموسم الصيفي والسياحي بالعتمة الشاملة التي بدأت بوادرها في منازل المواطنين لتنسحب على كافة المراكز والمرافق الحيوية بما يهدد لبنان بالإنعزال عن العالم في حال لم تبادر الحكومة إلى حلول سريعة.
فما هي الأسباب التي تقف وراء الأزمة المتجددة بين فترة وأخرى؟
وتؤكد الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة الدكتورة كريستينا أبي حيدر في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أن “الفيول العراقي هو المصدر الوحيد للبنان اليوم، وليس هناك من مصدر آخر، لذا في حال توقف فإننا حتماً ذاهبون بإتجاه العتمة الشاملة”.
وتوضح أن “هناك مستحقات للدولة العراقية في ذمة الدولة اللبنانية ويتوجّب عليها دفعها، لا سيّما أن هذا الفيول لم يتم لحظه بخطة الطوارئ التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي مؤسسة كهرباء لبنان ليست مخولة بدفع ثمن هذا الفيول من أموال الجباية لأن هذا يُعتبر دين على الدولة”.
أما عن أسباب عدم لحظه بالخطة فتوضح, أنه “عند استيراد الفيول كانت مؤسسة الكهرباء مفلسة وأعلنت أنه ليس لديها القدرة على دفع ثمنه، وما تجبيه اليوم يذهب إلى سداد الديون المتوجبة عليها للمشغلين ومقدمي الخدمات، فليس لديها أموال فائضة لتتمكّن من الدفع كما أنه لديها كسر جباية عن عام تقريباً أي أن هناك ما يقارب الـ 300 مليون دولار في السوق”.
ومن هذا الباب تلفت أبي حيدر, أنه “عندما رفعوا التعرفة ووضعوا خطة الطوارئ والتي أقرها مجلس الوزراء، تم إستثناء الفيول العراقي بشكل صريح، وقام المجلس النيابي بإصدار قانون لاستيراد الفيول من العراق على نفقة الدولة”.
وتشرح ما حصل مؤخراً عندما خرج وزير الطاقة وأعلن أنه سيزيد ساعات الإنتاج وسوف يستورد فيول جديد من مصدر آخر ودفع ثمنه من أجل زيادة ساعات الإنتاج، عندها قامت الدولة العراقية وأشارت إلى أنه طالما أن لبنان ليس بلداً مفلساً عليه أن يدفع لنا مستحقاتنا على إعتبار أنه قادر جلب فيول من مصدر آخر، ومن ثم أوقفت شحنات الفيول.
وتلفت أبي حيدر, إلى أن “لبنان لا يضع الفيول العراقي مباشرة في معاملنا بل يقوم عبر شركة بعملية “سواب” والتي لا تتقاضى أموالاً مقابل عملها بل تأخذ نسبة مئوية من الشحنات مقابل هذا العمل وهو ما يشكل ربحها”.
وكانت الشركة قاممت بعملها ووصلت الشحنة إلى الشواطئ اللبنانية لتبلغها الدولة العراقية أنها لن تمنحها هذه النسبة المعتمدة فأوقفت تفريغ حمولتها، وأبلغت الدولة العراقية الدولة اللبنانية بضرورة دفع مستحقاتها المكسورة منذ حوالي العامين تقريبا.
وتقول: عندما طالبوا مصرف لبنان بالدفع على إعتبار أن هذه الأموال دين على الدولة، كان الرد أنه لن يدفع إلا بموجب قانون, واليوم كما يعلم الجميع من الصعب أن يلتئم مجلس النواب لينجز قانون، والأسوأ من ذلك أنه لم يتم لحظها بالموازنة فعند إنجاز الموازنة لهذا العام تبين أن الموازنة غير مكسورة من أجل أن يظهروا للمجتمع الدولي بأن وضعنا ليس سيئاً، ولكن هذه موازنة وهمية، فلو لحظت الموازنة ذلك لم يكن لدينا اليوم هذه الإشكالية حيث كان تم دفع الأموال من قبل الحاكم لأن الموازنة صدرت بقانون.
وتضيف: نحن وصلنا إلى أن نخسر هذا المصدر الوحيد والذي هو الفيول العراقي لذلك نحن متجهون نحو العتمة، اليوم لدى مؤسسة كهرباء لبنان القليل من الفيول تعطي من خلالهم هذه الساعة أو الساعتين كحد أقصى في اليوم والباقي للمرافق الحيوية، ولكن في حال نفذت الكمية فإن العتمة الشاملة بإنتظارنا من جديد.
ولماذا لم يستقدم فيول من مصدر آخر ما دام الوزير تحدث عن احتمال استيراد الفيول من مصدر جديد لمزيد من ساعات التغذية؟ تلفت أبي حيدر, إلى أن “ذلك بحاجة إلى وقت، لأنه بحاجة إلى إستدراج عروض ومن ثم عليه الذهاب إلى هيئة الشراء العام ووضع دفتر الشروط لترسو المناقصة على أحد العارضين، لذا فهي بحاجة على الأقل إلى 3 أسابيع وأكثر ، وفي حال حصلت سيتكمن من إستقدام كمية قليلة بإمكانها تأمين التغذية لحوالي ساعة”.
أما عن الحلول المطروحة, فتلفت إلى أن “الوزير فياض قال أنه منذ ما يقارب الشهر يعمل على حل الأزمة، وبالأمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أشار إلى أنه سيتولى الموضوع، لذلك علينا أن ننتظر ما سيفعله لأنه ليس أمامنا سوى حل دبلوماسي بإنتظار إيجاد حل قانوني نهائي لحل الأزمة”.
وترى في الختام, أن كافة الحلول بملف الكهرباء هي في أغلبها حلول ترقيعية ومؤقتة بسبب الخلافات السياسية والبطولات الوهمية، وفي المحصّلة من يدفع ثمن ذلك هو المواطن بتكلفة باهظة للمولدات والتلوث من دون إستدامة لهذه الحلول.