انتخابات الاتحاد العمالي العام.. عُرسٌ بلا عرسان
كتب المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين
غير طبيعي إطلاقاً انه في بلد مخروب منهوب فقد عماله قدراتهم الشرائية وفُرصِ عملهم وذَوَت احلامهم، يمر خبر انتخاب قيادة جديدة للاتحاد العمالي العام شأنه كشأن انتخاب هيئة ادارية لنادي في قرية نائية.
سخيفاً باهتاً، مَرّ الاستحقاق الانتخابي لأكبر هيئة نقابية عمالية (مفترضة) في البلد، في لحظة من المفترض ان تكون العيون شاخصة تترقب وصول القائد العمالي الجديد ليأخذ دوره الطبيعي في حماية العمال والدفاع عن مصالحهم المتآكلة وخوض المعارك الطبقية في الشارع اضرابا وتظاهرات صاخبة وعصيانا عماليا.
وُلد الاتحاد العمالي العام عام 1970، وشاخ في عمر الـ 40 عندما سيطرت عليه السلطة عام 1997 عقب وصول رفيق الحريري الى الحكومة وتَشارُكِه مع القوى الطائفية والنفوذ السوري في جريمة مصادرة الاتحاد وقراره (تحالف الليبرالية المتوحشة – الرجعية الدينية الطائفية – الوصاية الخارجية)، فهل كانت الانتخابات الأخيرة قبل ايام بمثابة مراسم الدفن؟ ام عُرسٌ بلا عرسان.
أين الاتحاد اليوم من أهدافه التي أُنشئ لأجلها؟ فقد جاء في غاية انشاء الاتحاد العمالي العام في لبنــــــــان:
– الدفاع عن العمال في لبنان. عمالياً لا يمثل الاتحاد اليوم أكثر من 3.5 – 5 % من عمال لبنان.
– المشاركة في رسم السياسة الاجتماعية والاقتصادية والوطنيــــة. بات اليوم على هامش الحركة المطلبية وغير مؤثر في مسار الاحداث.
وفي المـــادة الرابعة من النظام الأساسي: الاتحاد العمالي العام في لبنان مستقل عن كل حزب سياسي أو فئـة سياسية. لقد صار اليوم واجهة عمالية لأهداف سياسية فئوية وطائفية وبرجوازية.
اما المـــادة السادسة فجاء فيها: يبقى الاتحاد العمالي العام في لبنان قائما ما لم ينقص عدد الاتحــادات النقابية العمالية المنتسبة إليه عن ثلاثــــــــة. هذا البند ظل محققاً حتى الساعة، لكن مَن يدري الى متى؟ خصوصاً اذا ما استمر الاتحاد بأيدي السلطة ومع تفريخ نقابات واتحادات وهمية واندثار اخرى.
انتخابات أم تزكية؟
من اصل 52 اتحادا مناطقيا وقطاعيا منضوين في الإتحاد العام شارك 35 اتحادا فقط في الانتخابات التي جرت في التاسع من الجاري لانتخاب 12 مرشحا لهيئة المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام.
ولولا اصرار بول اسطفان على التمسك بترشّحه ورفضه الانسحاب لكُنّا امام مشهد وصول قيادة جديدة بالتزكية من دون استخدام صندوقة الاقتراع، يتألف المكتب من 12 عضواً، قُدّم 20 طلبا للترشّح، بعد اتصالات ومفاوضات انسحب منهم ٧ ليستقر الرقم على 13، وقد جرت عملية الاقتراع في مقر الاتحاد بمشاركة 70 مندوبا من مجموع اعضاء المجلس التنفيذي ال 104، اذ ووفق نظام الاتحاد العام يتمثل كل اتحاد عضو بصوتين. وجاءت النتائج غير مفاجئة اطلاقا بفوز اللائحة التوافقية برئاسة بشارة الاسمر والتي تمثلت فيها حركة امل وتيار المستقبل والقومي السوري وحزب الله والمردة والقوات بالاضافة لمقرّب من ميقاتي، واشرف على عملية الاقتراع مندوبون عن وزارة العمل ومنهم المديرة العامة بالوكالة.
المرشح الـ 13 بول اسطفان حرم لائحة السلطة من الفوز بالتزكية لكنه غاب عن جلسة الانتخاب فنال بالنتيجة صفراً من الاصوات فيما نال اول الرابحين 63 صوتاً. وعثر في صندوقة الاقتراع على ورقة تحمل عبارة استهزاء فأُلغيت، الى جانب ظرف فارغ لم يُرِد واضعُه اعطاء صوته لأيٍ من المرشحين.
ابرز الغائبين الوازنين عن جلسة الانتخاب كان اتحاد موظفي المصارف 27000 منتسب) بسبب خلافات سياسية مع قيادة الاتحاد مع انه كان ممثلا في القيادة السابقة، وكذلك اتحاد عمال قطاع البترول الذي تأخر في اتمام انتخاباته الداخلية (أُجريت في 11/12) اي بعد يومين من موعد انتخابات الاتحاد العمالي العام. وأيضاً غاب اتحاد عمال البناء والاخشاب واتحاد عمال قطاع التغذية واتحاد نقابات العمال والمستخدمين في البقاع والاتحاد الوطني للعمال (جمّد عضويته)، فضلا عن الاتحاد التابع للحزب التقدمي الاشتراكي (سحب عضويته).
سريعاً اجتمع الفائزون ووزعوا المناصب فيما بينهم وفق المحاصصة السياسية السائدة في النظام اللبناني، فأعيد انتخاب بشارة الاسمر رئيساً، لكن هزال المشهد اختصره أمر إيكال أمانة شؤون المرأة في المكتب لرجل (شربل صالح)، مع ما يعنيه من ضيق صدر القيادة بتخصيص المرأة العاملة بمقعد واحد أقله.
طعن
الخاسر الوحيد بول اسطفان (رئيس نقابة خبراء التخمين – اتحاد نقابات جبل لبنان الشمالي) تقدم من مصلحة العمل والعلاقات المعنية بوزارة العمل بطعن بنتيجة الانتخابات بتاريخ 15 الجاري وحمل الرقم 867/2021 وادعى ان كلاً من الفائزين بشارة الاسمر وجورج حرب وشربل صالح وجورج العلم ارتكبوا مخالفات قانونية تمثلت بعدم اجراء انتخابات نقاباتهم واتحاداتهم قبل موعد جلسة انتخاب هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام – وهو شرط قانوني – وبالتالي فإن اشتراك اتحاداتهم في انتخابات الاتحاد العام ترشّحاً واقتراعاً هي باطلة، وطلب من الوزارة اعطاءه صوراً طبق الاصل عن محاضر انتخابات النقابات والاتحادات التي يمثلها الاربعة المذكورون منذ 2018، ونسخاً عن محاضر نشر الدعوة لها والصحف المنشورة فيها. وطالب بإبطال فوزهم واعلان فوزه كونه اول الخاسرين.
جنوباً
من بين الفائزين عبد اللطيف الترياقي (ممثل تيار المستقبل) الرئيس الحالي لاتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الجنوب الذي أسسه نقابيون يساريون منتصف الستينيات برئاسة الراحل حسيب عبد الجواد وهو اليوم مسيطر عليه من قبل تيار المستقبل ويضم 20 نقابة منها اثنتان مجمدتان منذ عقدين، يتذرع بخلو صناديق النقابات والاتحادات من الاموال لتبرير تخلف بعضها عن اجراء انتخاباتها النصفية او الكلية، مع ان إجراء هذه الانتخابات هو شرط من شروط الاشتراك بانتخابات الاتحاد العام، يقول الترياقي لـ”المرصد” ان انتخابات اصغر نقابة يكلف اليوم اكثر من مليون ونصف المليون ليرة (نشر اعلان في جريدتين ولوازم قرطاسية وسجلات عدلية) ويؤكد انه اتم الاجراءات الاقانونية في نقاباته، بينما ينفي نقابيون معارضون علمهم بأي انتخابات جرت في نقابات صيدا قبل انتخابات الاتحاد العام.
يرد الترياقي على تهمة المعارضين بسقوط صفة “الأكثر تمثيلاً” عن الاتحاد العمالي العام بأن مرد ذلك ان الانتساب للنقابات غير الزامي في قانون العمل مع انه يفاخر بضم اتحاده نحو 6000 عامل “نُعتبر اكثر تمثيلا من اتحادات اخرى”، ويحمل المرأة العاملة مسؤولية عدم تمثلها بالقيادة العمالية “تقصير النساء عن فرض وجودهن”، ويقر بوجود نقابات وهمية منتسبة للاتحادات من أصل 720 نقابة “لا أًبرئ ذمة الاتحاد العام من ذلك”، ويعترف بقصور النظام الانتخابي “فيه عيوب كثيرة كعدم اعتماد النسبية بالتمثيل وغياب التصنيف القطاعي للاتحادات لكن الاولوية اليوم هي للعمل في ظل الانهيار الخطير”.
أنتم اتحاد مسيس، وفي جيبة نبيه بري، وتمارسون الفساد المالي، وانتخاباتكم معلبة.. الاتهامات لا تهز الرجل فيرد: “مسيس نعم وطول عمره كان مسيساً لكن قراره ليس بيد الاحزاب بل في يد اعضائه المنتمين للاحزاب ولكن هذه القرارات لصالح العمال لا الاحزاب، لسنا في جيبة بري وهذا الكلام من باب المناكفة، صحيح ان لحركة امل حضوراً وازناً في النقابات وفي تركيبة الاتحاد ان كان من حيث عدد المنتسبين للحركة مباشرة او من خلال حلفاء الحركة، لا فساد مالي في الاتحاد واصلا حصتنا المالية من الدولة والتي هي 500 مليون ليرة سنوياً لم نقضبها على مدى الاعوام الثلاثة الفائتة صدقوا اننا نجتمع على العتم لانه لا يوجد لدينا مازوت لتشغيل مولد الكهرباء ونتحمل كلفة النقل لحضور الاجتماعات، وكيف تكون انتخاباتنا معلبة وهي قد اعلن عنها في الصحف قبل اشهر واستوفت الشروط القانونية وان التزكية التي كنا ننشدها فهي لتجنيب البلد خضات بغنى عنها في هذه الظروف ولذلك فان المرشحين الذين انسحبوا افساحا في المجال للتزكية هم عقلاء ومشكورون”.
هناك مجموعات تعمل لاطلاق “نقابات بديلة” جملة تستفز الرجل فيسارع للقول: “انها بروباغاندا والاجدر بهذه المجموعات ان تبادر للحوار مع النقابات القائمة لتصحيح المسار من الداخل ونحنا مش ساحبين سلاح بوج حدا ويبقى الاتحاد العمالي العام الطرف الاكثر تمثيلاً لدى الدولة”.
عن غياب فاعلية الاتحاد بين العمال وفي الانتفاضة في الشارع يقول الترياقي: “نعمل على اعداد مطالب واقعية مبنية على دراسات وليست عشوائية وقد زارنا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مقر الاتحاد لاول مرة وسيزورنا وزراء الشؤون والاقتصاد والمال للوقوف على رأي الاتحاد العمالي من مشروع البطاقة التمويلية”.
شمالاً
يضم اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال 24 نقابة اكبرها عدداً نقابة موظفي وعمال شركة كهرباء قاديشا (700 منتسب)، فيها العديد من النقابات الوهمية او المجمدة اوالمنتهية (نقابة عمال مناشير وصناديق الفاكهة والحمضيات في الشمال – آخر انتخابات لها كانت في 2006)، وكان قد رُخّص مؤخراً لاتحاد فارغ يحمل اسم اتحاد عمال الاخشاب في الشمال، وفيها أيضاً طعن نائم في الادراج بصحة انتخابات مجلس نقابة عمال بلدية الميناء.
اتحاد فيه كل هذه الثغرات القانونية شارك مندوبَيْه في انتخابات قيادة الاتحاد العمالي العام وغنِم منها حصة تمثلت بانتخاب رئيسه شادي السيد عضواً في هيئة مكتب الاتحاد العام.
ومع وصول شادي السيد الى رئاسة الاتحاد انتقلت الوصاية السياسية على العمل النقابي شمالاً من يد تيار فيصل كرامي ليد الرئيس نجيب ميقاتي مع صمود حضور التيار الموالي للرئيس سعد الحريري في اروقة الاتحاد، وقد اسفرت الانتخابات عن توزيعة طائفية مصلحية سياسية بامتياز كرست سيطرة الثنائي ميقاتي – حريري على الاتحاد، ولطالما بقيت العدة ذاتها والمسؤول يبقى في كرسيه حتى مماته وهو ما يقطع الطريق على إفراز قيادات نقابية شابة طموحة وناشطة، وهو ما يفسر اللا ثقة العمالية والشعبية بقيادة وتركيبة وتحركات الاتحاد العمالي العام والاتحادات العمالية المنضوية ضمن تركيبته.
رئيس نقابة عمال البناء والأخشاب في الشمال جميل طالب المقاطِع لاتحاد الشمال منذ سنوات لاتهامه الاتحاد بموالاة السلطة لا العمال يؤكد لـ “المرصد” ان قيادة اتحاد الشمال لم تجرِ انتخابات مجالس نقاباتها ولم توجه الدعوة للنقابات التي انتهت مدة مجلسها التنفيذي لتسوية اوضاعها القانونية واجراء الانتخابات، وذلك خوفاً من تبدل خريطة المناصب والمواقع السياسية إذ ان نقابات الشمال تحولت الى ما يشبه مكاتب عمالية لأحزاب السلطة، كلٌ يتمسك بكرسيه ويضرب عرض الحائط كل الاصول القانونية المنصوص عنها في الأنظمة الداخلية للنقابات.
طالب قدم طعناً بقانونية انتخاب المجلس التنفيذي لاتحاد الشمال وسجّله في قلم وزارة العمل، وفيه ان المجلس خالف القانون عندما لم يجرِ انتخابات طوال 4 سنوات، وعندما اجراها مؤخراً حصرها بانتخاب 6 اعضاء فقط وليس بكامل اعضائه الـ 12 الذين انتهت ولاياتهم، عدا عن أنه لم يجرِ تعليق لائحة بأسماء المرشحين على لوحة مقره قبل الانتخابات كما ينص النظام الاداخلي، وكذلك لم يتم إعلام مجلس المندوبين بهذه الانتخابات ولا بموعدها.
ويأسف طالب للوضع المزري الذي وصل له العمل النقابي في وقت اكثر ما يحتاج فيه البلد الى حركة عمالية قوية تدافع عن حقوق العمال التي تنتهك بشكل فاضح في ظل انهيار اقتصادي هو الاقسى على العمال.
بقاعاً
يضم اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في البقاع 9 نقابات اكبرها انتساباً نقابة موظفي المصارف وإحداها (نقابة عمال الدباغة) انتفى وجودها بانتفاء المهنة، رئيس الاتحاد النقابي المعارض جهاد المعلم يقول لـ “المرصد”: منذ نحوعشر سنوات ونحن مقاطعون للاتحاد العمالي العام ولا نشارك في اجتماعاته ولا في انتخاباته، لان الاتحاد العام ومنذ تشكيل المكاتب العمالية في الاحزاب منتصف التسعينيات جرت مصادرة قراره والهيمنة عليه وفقد دوره الطليعي في حماية مصالح العمال، ولذلك لا نرى اية فاعلية لاضرابات الاتحاد لانه يعود ويلغيها عندما يتفق نقيب العمال مع الزعيم، وصار الاتحاد العوبة بيد تحالف احزاب السلطة تحركه ساعة تريد وقد فرّخت له نقابات وهمية ووزعتها وفق الولاءات الطائفية لتتقاسم فيما بينها مغانم التمثيل في الضمان الاجتماعي والمجلس الاقتصادي والإجتماعي ولجنة مؤشر غلاء المعيشة والمؤسسة الوطنية للإستخدام ومجالس العمل التحكيمية.
رغم تمرسه بالعمل النقابي منذ عقود يقول المعلم انه لم يتابع اخبار انتخابات الاتحاد العمالي العام لأن “اللي بياكل من خبز السلطان بيضرب بسيفه” ينتخبون فلان مكان فلان وتبقى الحركة العمالية مهيمنا عليها من قوى السلطة ومنسلخة عن هموم العمال.
لكن المعلم لا يعفي اتحاده من الترهل “كل نقابات لبنان في وضع سيء، بسبب تدخلات السلطة اولاً ولكن ايضاً بسبب ضعف انتساب العمال وهذا يتطلب حماية حق الانتساب للعمال من تعسف اصحاب العمل وانتقامهم من العمال اذا انتظموا في النضال النقابي، والحماية تكون بجعل ترخيص النقابات العمالية يصدر بقانون وليس بإذن من وزير العمل”.
ويسأل عن دور الاتحاد العام في مواجهة اصحاب العمل في لجنة المؤشر، فهؤلاء يسعّرون بضائعهم ويبيعونها او يصدّرونها بالدولار الاميركي بينما رواتب عمالهم يدفعونها بالليرة اللبنانية المنهارة، وقال لو كانت الحركة النقابية فاعلة لكانت السلطة فكرت بالتشاور مع النقابات عند تشكيل الحكومات.
ويهزأ المعلم بلا عدالة التمثيل في الاتحاد العام “كيف يستوي في التصويت اتحاد نقابي فاعل يضم الاف العمال مع اتحاد وهمي او لا يتجاوز عدد منتسبيه العشرات؟” ليؤكد ان الحل يكون باعتماد التمثيل النسبي وهيكلية نقابية جديدة ليعود للاتحاد دوره الفعال في فرض السياسات الاقتصادية العادلة.
ابو حبيب
امين عام اتحاد نقابات عمال المطابع والاعلام اديب ابو حبيب ومن باب تمرّسه النقابي (رئيس مجلس المندوبين في الاتحاد العمالي العام لسنوات طويلة) يرى اننا لسنا بحاجة لهذا العدد الهائل من النقابات واتحاد النقابات، ويقول لـ “المرصد”: “في مرحلة النضالات الكبرى التي فرضت فيها الحركة النقابية مطالبها وانتزعت حقوقا من السلطة كنا 225 نقابة عمالية و22 اتحاداً لا اكثر، بينما اليوم يزيد عدد النقابات عن ال 650 والاتحادات عن 64 ولكن بلا اية فاعلية على الارض ومن دون تحقيق ولو مطلب ثانوي للعمال، لأن كل هذه النقابات والاتحادات أنشئت لاهداف سياسية تصب في مصلحة القوى السلطوية والطائفية بهدف وضع اليد على البلد”.
ويضيف ابو حبيب “اتحادنا العمالي العام حتى خلال الحرب الاهلية تمكن من انزال 300 الف عامل ومواطن في التظاهرة الشهيرة في منطقة المتحف التي كانت خط تماس يقسم بيروت شرقية وغربية من اجل حقهم في العمل وتصحيح الاجور والسكن والضمانات الاجتماعية، بينما الاتحاد العمالي العام ما بعد الطائف ترك العمال والشباب والنساء المنتفضين في 17 تشرين وحدهم في الشارع”.
يرى ابو حبيب ان السطات المتعاقبة منذ الطائف وجهت ضربة قاصمة للحركة العمالية والدينمو المحرك لها الاتحاد العمالي العام ونجحت في تفتيتها ووضع اليد على الاتحاد وإلغاء دوره، ويستذكر ان وزير العمل السابق عبد الله الامين طرح هيكلية نقابية جديدة تضمنت 36 مادة من اصل 96 تعطي وزارة العمل صلاحية التدخل في شؤون الاتحاد العام، يومها قال الامين للقيادات العمالية “إما تمشوا معي بالهيكلية وإما بفتح باب انشاء النقابات”، وهذا ما حصل حتى وصلنا الى اليوم حيث معظم الاتحادات وهمية وخاوية من العمال.
مسيرة تآمر السلطة على الحركة النقابية عمرها من عمر استقلال لبنان، كما تعاقبت السلطات منذ اتفاق الطائف على احتواء الحركة النقابية مرات بالترهيب ومرة بمنع الترخيص واخرى بتفريخ النقابات الوهمية، مسيرة كهذه مع قيادات عمالية تُشترى وتباع لن تُنتج اتحادا عماليا الا كالاتحاد العمالي العام الذي لم يسمع عمال لبنان بخبر انتخاباته وصار الاتحاد كله خارج اهتماماتهم منذ ان تخلى عن تمثيلهم.
خلاصات مختصرة
1- باهتاً مر خبر انتخاب الاتحاد العمالي العام “الهيئة الاكثر تمثيلا للعمال” (3,5-5%) بشبه تزكية محبوكة من قوى السلطة بقيادة حركة امل. من 52 اتحادا شارك 35، الانتخابات طُعن بها، الاسمر و٣ فائزين لم يجروا انتخابات نقاباتهم، ونقابات الاطراف تتذرع بخلو صناديق مالها لعدم تجديد قياداتها.
2- منذ ان نشأت المكاتب العمالية لاحزاب السلطة مات الاتحاد العمالي العام لكن مراسم الدفن لم تجرِ. ولأن “اللي بياكل من خبز السلطان بيضرب بسيف” غاب الاتحاد العمالي عن ساحات النضال، العمال ايتام متروكون في الشارع وحيدين للبطالة وتحكم أصحاب العمل، خسروا قيمة رواتبهم والمكاسب التاريخية.
3- جرت انتخابات العمالي العام بمقاطعة من اكبر الاتحادات (موظفي المصارف 27000 منتسب) وغياب عمال البترول والبناء والاخشاب وعمال التغذية والاتحاد الوطني واتحاد البقاع، بينما ضمت الاتحادات المشارِكة نقابات انتفت بانتفاء المهنة كنقابة عمال مناشير وصناديق الفاكهة في الشمال.